روائع مختارة | قطوف إيمانية | أخلاق وآداب | إجتماع الكلمة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > قطوف إيمانية > أخلاق وآداب > إجتماع الكلمة


  إجتماع الكلمة
     عدد مرات المشاهدة: 2076        عدد مرات الإرسال: 0

لا ريب أَنَّ مِنْ أعظم قواعد الدين، وأجمعِ أصوله الجامعة تأليفَ القلوب، وإجتماعَ الكلمة، والإعتصامَ بالجماعة، وإصلاحَ ذات البين، لما في ذلك من المصالح العظيمة، والأجور الكبيرة، والفضائل الجمة.

ولما للتفرق والإختلاف من الشرور والفساد، وتعطيل الأحكام.

والنصوص في ذلك السياق كثيرة جداً، كما في قوله تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا} [آل عمران:103].

و قوله عز وجل: {فَاتَّقُواْ اللَّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بَيْنِكُمْ} [الأنفال:1].

وهذا المعنى العظيم قد لا يخطر ببال كثير من الناس سواء ممن يحرصون على تفريق الكلمة، وإيغار الصدر، أو ممن لا تنبعث هممهم لجمع الكلمة ورأب الصدع.

ولقد كان علماء الإسلام الكبار يحرصون حرصاً كبيراً على تقرير هذا المبدأ.

ولشيخ الإسلام ابن تيمية قِدحٌ معلى في ذلك الشأن مع أن عصره عصر يميدُ بالفتن، ويَعُجُّ بالصراعات، والخلافات.

وإليك طرفاً من أقواله، ومواقفه في ذلك.

1= أنه غالباً ما يدعو لمخالفيه كما في قوله: والله هو المسؤول أن يؤلف بين قلوبنا وقلوبكم، ويصلح ذات بيننا، ويهدينا سبل السلام، ويخرجنا من الظلمات إلى النور، والمقصود الأكبرُ إنما هو إصلاحُ ذات بينكم، وتأليفُ قلوبكم.

2= لما أراد السلطان الناصر في زمن ابن تيمية حمله على الموافقة على قتل من عارضه من القضاة، وإستفتى ابنَ تيمية في ذلك، قال له ابن تيمية: إذا قتلت هؤلاء لا تجد بعدهم مثلهم.

فقال له: إنهم قد آذوك، وأرادوا قتلك مراراً.

ففهم الشيخ مراده، وقال له: من آذاني فهو في حل، ومن آذى الله ورسوله فالله ينتقم منه، وأنا لا أنتصر لنفسي، وما زال به حتى حلم عنهم السلطان وصفح.

3= قوله: الواجب على المسلم إذا صار في مدينة من مدائن المسلمين أن يصلى معهم الجمعة والجماعة ويوالى المؤمنين ولا يعاديهم، وإن رأى بعضهم ضالاً أو غاوياً وأمكن أن يهديه ويرشده فعل ذلك، وإلا فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها.

4= أنه أفتى بأن مَنْ دعي إلى طعام وإشتبه أمره عليه: فلا بأس بتناول اليسير منه إذا كان فيه مصلحة راجحة، مثل تأليف القلوب، ونحو ذلك.

5= أنه يستحب للرجل أن يقصد إلى تأليف القلوب بترك بعض المستحبات، لأن مصلحة التأليف في الدين أعظم من مصلحة فعل مثل ذلك، والأولى متابعة الآثار التي فيها الإعتدال والائتلاف وتأليف القلوب، فيجهر بالبسملة لمصلحة الائتلاف، ويعدل عن فصل الوتر إلى وصله مراعاة لذلك، كما إستحب الإمام أحمد ترك القنوت في الوتر، تأليفاً للمأموم.

بل إن ابن تيمية يعد التعصب لمسألة البسملة في كونها آية من القرآن وفي قراءتها من شعائر الفرقة والإختلاف الذي نهينا عنه، فإن الفساد الناشئ من هذه الفُرْقة أضعاف الشر الناشئ من خطأ نفر قليل في مسالة فرعية.

هذه نبذه يسيرة عن بعض أقوال ابن تيمية ومواقفه في تأليف القلوب، وإجتماع الكلمة، فما أحوجنا إلى أصحاب قلوب تنبض بالحب للمسلمين، وتعمل ما في وسعها لِلَمِّ شملهم، وتقريب بعيدهم، وإرشاد ضالهم.

ولا يتسنى ذلك -بعد توفيق الله- إلا بالعلم، والصبر، والتقوى، وسلامة المقاصد، والتخلي عن حظوظ النفس القريبة، والنظر في المصالح العليا العامة.

المصدر: موقع دعوة الإسلام.